رسالة برلين السينمائي: "حلم"

modified

سليم البيك

محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي فلسطيني

الفيلم أدبي في شكله كذلك، فمعظمه كان كلاماً ملقىً من الدفتر، بصوت الفتاة تحكي لنا عن علاقتها. يتخلل ذلك مشاهد بحوارات زامن الكلام المقروء/المحكي، أو لحقته. وذلك برهافة الأدب وحساسيته تجاه شخصياته.

للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

20/02/2025

تصوير: اسماء الغول

سليم البيك

محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي فلسطيني

سليم البيك

روائي وناقد فلسطيني، باريس. مؤسس ومحرر «رمان الثقافية». يكتب أسبوعياً في «القدس العربي». له ٧ كتب منها الروايات: «عين الديك» و«سيناريو» و«تذكرتان إلى صفورية». له «تأملات في الفيلم الفلسطيني»، و«سيرة لسينما الفلسطينيين: محدودية المساحات والشخصيات» الصادر أخيراً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

الفيلم واحد من ثلاثية موضوعاتية نزلت خلال عام، أولها "Sex" في الدورة الماضية من مهرجان برلين السينمائي، ثانيها "Love" في الدورة الأخيرة من مهرجان فينيسيا السينمائي، آخرها "حلم" (Drømmer) المشارك في المسابقة الرسمية للبرليناله اليوم. وهي ثلاثية تحوم حول الرغبة في أشكالها الثلاثة: الجنس والحب والفانتازم ثالثهما.

هذا النفَس الطويل للمخرج النرويجي داغ يوها هاوغيرود، نجد تفسيره بمعرفة أنه روائي إضافة إلى صفته السينمائية. هو ما يمكن أن يفسر كذلك، موضوع فيلمه وأسلوب نقل الموضوع، فالأدب حاضر في "حلم" شكلاً ومضموناً.

فتاة تقع في حب معلّمتها الجديدة، تبقي مشاعرها لنفسها، تكتبها وحسب في دفتر يوميات. تقدم الدفتر إلى جدتها، وهي شاعرة، لتقترح الأخيرة نشر الدفتر في كتاب، قبل أن تُقرئه للأم.

الفيلم أدبي في شكله كذلك، فمعظمه كان كلاماً ملقىً من الدفتر، بصوت الفتاة تحكي لنا عن علاقتها. يتخلل ذلك مشاهد بحوارات زامن الكلام المقروء/المحكي، أو لحقته. وذلك برهافة الأدب وحساسيته تجاه شخصياته.

السرد هنا أقرب إلى الكشف، بضمير المتكلم، طبيعته المقروءة تمنحه مساحة لشاعريته أوسعَ مما يمكن لفيلم يحكي قصة بحوارات أن يكون. حميمية الكلام والمشاعر الهشة، لفتاة لا تزال تكتشف نفسها من خلال تجربتها الأولى في الحب، هذا كله منح توازناً للجانب البصري، الثلجي والبارد، محولاً البرد الخارجي، عن النافذة، إلى دفء داخلي، في البيت بأغطيته ووسائده، والصوف المنتشر، بكرات وكنزات، والشالات، وغيرها مما رافق الكلام ودفئه على طول الفيلم.

ما إن تقترح الجدة أن تعرض النص على ناشرها، علّه يصير كتاباً، حتى يتحول الحديث الهش إلى بارد وبليد، يدخل في صناعة النشر وتجارته، في قانونية ما فعلته المعلمة، أو حتى الفتاة. وذلك بدفع من الأم التي لم ترَ من الدفتر سوى إمكانية الاستثمار.

ليس الفيلم عملاً عظيماً، لكنه بحساسية الفتاة ومشاعرها، واختار مؤلفه أسلوباً كان أدبياً، مانحاً تلك الحساسية شكلها الأنسب. أما التفصيل شديد الهامشية في الفيلم، الرفوف الممتلئة بالكتب، حيثما توجّت الكاميرا، مضيفةً دفئاً لا يمكن للكتب المصفوفة على أرفف خشبية إلا أن تفوح به، التفصيل الهامشي هذا، كذلك يمكن تفسيره بمعرفة أن المخرج والروائي، هو كذلك مكتبيّ، بائع كتب.

الكاتب: سليم البيك

هوامش

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع