تفتتح دارة الفنون في عمّان، معرضاً للفنانة الفلسطينية رائدة سعادة، السبت 26 نيسان ليستمر حتى 30 أيلول 2025.
تنطلق أعمال رائدة سعادة بعد وقوع الإنهيار واستمرار الحياة بطريقة ما. حيث لا تسعى الفنانة في ممارستها إلى تقديم إجابات واضحة، بل تُصرّ على المكوث في تلك المساحة الكامنة بين اضطراب كان قد وقع بالفعل، وتعايش روتيني نتج عنه، ليصبح الاستمرار سؤالًا في حد ذاته.
تتبدل السياقات والرموز والدلالات ضمن هذا العالم بشكل متواصل، وتتبعثر معها المعاني والافتراضات، فيبدو الاستمرار قرارًا متناقضًا مع هذه الوقائع ومعطياتها. تستشعر أعمال رائدة هذا الخلل بينما تتكشف تفاصيلها كأفعال ترفض الاستسلام او التفاوض أو القبول بأمر واقع.
أمام كل ذلك، يصبح المتعارف عليه غريبًا، وأحيانًا، مستغربًا، بينما تمرّ الأحداث السيريالية كلحظات شبه عادية: كل شيء يبدو وكأنه جزء من عمل مسرحي. لا تلعب الإيماءات الأدائية في الأعمال دورًا في تعزيز ذلك، بل تهدف لكشفه وإعادة رسم ملامح الواقع المنهك. تعجز اللغة عن التعبير هنا، فتصل متأخرة أو مشتتة. ولا ينبثق المعنى من تفسير متوقع، بل من خلال الأفعال وفي لحظات الصمت المتفرقة. إذا تحدثت الأعمال، فهي تتحدث فقط من محيطها في العمل، في تلك النقطة بين انهيار وشيك ونجاة مؤقتة.
يظلّ فعل المشاهدة حاضرًا عبر كل ما سبق: هناك من يشاهد غيره منشغلًا، وهناك من يصرف نظره بعيدًا، وهناك من يشاهد دون اكتراث. فالمشاهدة تستوقف، وتستهلك، وتُباعد، وتورّط، وتُزعزع.
لا تسعى الأعمال المعروضة لتقديم استنتاجات ولا تبحث عنها. فهي انعكاسات لحالة من الاستمرارية، وتتبع للتناقضات الناتجة عن انقطاعها، بحيث تبقى القضايا معلقة، لا وجود للنهايات فيها أو التوضيحات، بل هي أقرب لأن تكون تساؤلات مفتوحة، تطرح نفسها على المشاهدين.
رائدة سعادة من مواليد أم الفحم العام 1977. حصلت على شهادة البكالوريوس ودرجة الماجستير في الفنون من أكاديمية "بتسلئيل" للتصميم والفنون في القدس. وكانت أول فائزة بجائزة الفنان الشاب للعام 2000، التي تنظمها مؤسسة عبد المحسن القطان.
تتمحور أعمالها حول التصوير الفوتوغرافي، والفن الأدائي وفن الفيديو، وعادة ما تستخدم الفنانة جسدها كعنصر أساسي في معظم أعمالها، حيث تصف المرأة في عملها قائلة: "في أعمالي الفنية، تعيش المرأة التي أمثلها في عالم يهاجم قيمها، وحبها، وروحها بشكل يومي، ولهذا، فهي في حالة احتلال، ويمكن أن يكون عالمها هنا في فلسطين، أو أي مكان آخر. وعلى الرغم من كل شيء، فهي تتطلع مبتسمة نحو المستقبل".
حظيت أعمالها بالعالمية، حيث عرضت في البرلمان الأوروبي في بروكسل، وفي متحف جيماك في لاهاي-هولندا؛ وبيت الثقافات العالمية في برلين؛ كما عُرضت في النمسا وفرنسا والدنمارك وبينالي سيدني، وبينالي الشارقة. لقد اعتبرها موقع الأخبار "المونيتور" من أهم 50 شخصية ساهمت في تشكيل الثقافة في الشرق الأوسط.