تشيد مجموعة علماء الإجتماع من أجل فلسطين (GS4P) بنجاح حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل من أجل العدالة في فلسطين، والتي قادها أعضاؤها في منتدى الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA) في الرباط، المغرب، في يوليو 2025.
على الصعيد الدولي، تُمثّل حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل إنجازًا بارزًا في المشهد الأكاديمي العالمي للعلوم الاجتماعية. فقد كانت أول حملة مقاطعة كبرى ناجحة في جمعية أكاديمية لعلم الاجتماع، وهو ما تحقق من خلال تعليق الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع (ISS) بسبب ضغوط من أعضاء المجموعة. وكان تعليق الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع وسيلة فعّالة لمحاسبة مؤسسة على صمتها في زمن الإبادة الجماعية والمجاعة القسرية، فضلًا عن تواطئها الموثق مع أجهزة الدولة الإستعمارية والجيش الإسرائيلي.
على المستوى العربي والإقليمي، كانت هذه أول حملة أكاديمية ناجحة لمناهضة التطبيع في أعقاب اتفاقيات آبراهام التي رعتها الولايات المتحدة الأميركية. وبدلاً من عزلنا والسماح للمنتدى بأن يصبح أداةً لتطبيع الصهيونية في المنطقة العربية، نُظّمت حملة مقاطعة أكاديمية بنجاح لمنع مشاركة المؤسسات الإسرائيلية المتواطئة في الفصل العنصري والإستعمار الإستيطاني والإبادة الجماعية. وشمل ذلك دعوةً ملتزمة بمقاطعة الندوات التي قد تضم هذه المؤسسات وممثليها، واشتراطًا على الباحثين الإسرائيليين لإدانة هذه الانتهاكات المستمرة علنًا.
تؤمن مجموعة GS4P بأن إنتاج المعرفة سياسيٌّ بامتياز، وأن الأكاديميين ليسوا منفصلين عن الواقع الاجتماعي، وأنّ حرية التعبير والحوار لا وجود لهما خارج علاقات القوة الهيكلية، ولا يمكن استخدامهما لتبرير إشراك المؤسسات والأصوات المتواطئة في عنف الدولة الممنهج والجماعي. يُذكر أن أعضاء ISS الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع اتخذوا قرارًا جماعيًا بعدم حضور المنتدى، مع دعوات مقاطعة علنية عقب تعليق عضوية جمعيتهم. يشير رفض ISS اتخاذ موقف أخلاقي من الإبادة الجماعية في غزة إلى التواطؤ مع جميع اشكال العنف الممنهج التي تمارسها الدولة ضد الفلسطينيين في المجتمع الإسرائيلي، حيث كل الرجال والنساء فوق سن الثامن عشر يخدمون في الجيش والاحتياط في جيش استعماري استيطاني يمارس إبادة جماعية غير مسبوقة ضد السكان الأصليين.
تُرسي حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل هذه سابقةً مهمةً للتجمعات الأكاديمية الدولية المستقبلية في المنطقة العربية والعالم، وتُؤكد على أهمية تحمّل الفضاءات الأكاديمية المسؤولية السياسية والأخلاقية، وخاصةً في السياقات التي تُقام فيها.

تُدرك مجموعة GS4P أنّ عملنا مُتجذرٌ بعمق في مجتمعاتنا، وفي حوارنا مع الفاعلين في المجتمع المدني الذين يقودون جهود تحقيق العدالة في مناطقنا. ونُشيد بالحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI)، والحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (MACBI) لدورهما المحوري في إطلاق الدعوة الأولى للمقاطعة.
في ضوء هذا العمل الجماعي لحملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، مثّل المنتدى فرصةً مهمةً لإعادة تمركز النقاش حول التحرّر الوطني الفلسطيني وحق العودة، وتحليل بنية الاستعمار الاستيطاني الإحلالي الصهيوني، وإسماع أصوات الباحثين المناصرين للعدالة في فلسطين. على مدار خمسة أيام، وعبر جلسات نقاش متعددة، حوّل الباحثون تركيزهم من مفاهيم "السلام" إلى مناقشات عملية تتمحور حول العدالة الاجتماعية والتحرّر الوطني وتفكيك الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري. أصبح المنتدى مساحةً قدّم فيها علماء الاجتماع العالميون نموذجًا لكيفية مساهمة المجتمع الأكاديمي في تحقيق العدالة في فلسطين، وتعزيز المشاركة الأكاديمية في النضال المستمر من أجل التحرر الوطني الفلسطيني.
ندعو جميع الباحثين البناء على هذه التجربة الناجحة، ومواصلة النضال في الأوساط الأكاديمية دعمًا لفلسطين. لا يمكن لعلماء الاجتماع أن يبقوا- ولن يبقوا - صامتين في زمن الإبادة الجماعية. إن النضال من أجل فلسطين الحرة مستمر، ونحن ندعو جميع علماء الإجتماع للانضمام إلينا في هذا النضال.
