النكبة مستمرّة… بالثورات المضادة

Brothers, 2018, acrylic on canvas, 38×46 cm 14 of 21, Tayseer Barakat

سليم البيك

محرر المجلة

نكبتنا مستمرّة لأنّ نفيها لا يكون بغير التحرير والعودة، وتحقيق هذه وتلك لا يكون بغير أنظمة حكمٍ تقودها الشعوب في جارتينا/شقيقتينا الكبيرتين. وذكرى نكبتنا الفلسطينية اليوم هي تذكير بنكبات عربيّة أخرى، نفيُ إحداها ينفي الأخرى، واستمرارها استمرار للأخرى.

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

14/05/2019

تصوير: اسماء الغول

سليم البيك

محرر المجلة

سليم البيك

روائي وناقد فلسطيني، مقيم في باريس. محرّر "رمّان الثقافية". يكتب المقال الثقافي والسينمائي في "القدس العربي". له ٥ كتب، آخرها روايات: «عين الديك» (٢٠٢٢ - نوفل/هاشيت أنطوان، بيروت)، و«سيناريو» (٢٠١٩ - الأهلية، عمّان)، و«تذكرتان إلى صفّورية» (٢٠١٧ - الساقي، بيروت). نال مشروعه «السيرة الذاتيّة في سياق الجمعيّة: بحثٌ في السينما الفلسطينية» في ٢٠٢١ منحةً من مؤسسة "آفاق". مدوّنته: https://saleemalbeik.wordpress.com

لم نكن، كفلسطينيين، أقل رغبة في إسقاط الأنظمة من الشعوب التي حكمتها تلك الأنظمة، في سوريا ومصر تحديداً، ولسنا، الآن، معنيين أقل من السوريين والمصريين في نيل مطالبهم الأولى، لسبب فلسطيني بحت، يتعلّق بالنّكبة واستمراريتها، هو لحظة الأمل التي تألّقت في دواخلنا مع الاندلاعات الأولى في الشوارع السورية والمصرية، وهي من بين الأكثر تأثيراً على تاريخنا وحياتنا ومآلنا كفلسطينيين، لحظة الأمل بأنّ كل ما كانت عليه قضيّتنا، منذ اللحظات الأولى للنكبة، منذ سُميِّيت كذلك، وقد استمرّت بأشكالها إلى اليوم، بأنّ كلّ ذلك سيتغيّر في لحظة تاريخية يعيشها الفلسطينيون كما السوريين والمصريين. إسقاط النظامين العربيين كان يعني، لنا، تحريراً فلسطينياً منتظَراً ومنظوراً، تماماً كما قالها الراحل سلامة كيلة: “من أجل تحرير فلسطين نريد إسقاط النّظام.”

لذلك، وقد نهضت الشّعوب وأُخمدت، نهضت مجدّداً ومجدداً لتتنظّم مقابلها ثورةٌ مضادة في كلا البلدين، في سوريا كانت استدراكاً لحال النّظام الأمني القائم وفي مصر كانت انقلاباً عسكرياً. فلسطينياً، عنى ذلك انطفاءً لذلك التألّق، واستعادة دولة الاحتلال اطمئنانَها، وتلاشي فكرة التّحرير لدينا، كفعلٍ قابل للتحقّق يتعلّق، دائماً، بثورات الشعوب المحيطة على أنظمتها الحامية، شكلاً ومضموناً، جملةً وتفصيلاً، سراً وعلانية، لإسرائيل.

نكبتنا، في ذكراها الواحدة والسبعين اليوم، مستمرة لأنّ ثورات أهلنا الأقرب لم تُسقِط الأنظمة. وأكثر: نكبتنا مستمرّة لأنّ الشعوب ذاتها تحكمها اليوم أنظمةٌ أشدّ بؤساً وبأساً، أشدّ تعلّقاً بإسرائيل، أشد عداءً تجاه السوريين هنا والمصريين هناك، والفلسطينيين هنا وهناك. أنظمة ثورة مضادة اتّخذت من الفلسطينيين عدوّاً ثانياً تأمّل مرّة بإسقاطٍ أراده السوريون والمصريون ولم ينالوه، ويواصلون تأمّلهم طالما لم تغب بلادهم عن أذهانهم وأحاديثهم، طالما رغبوا دائماً بتحريرها والعودة إليها، طالما ربطوا ذلك بسوريا ومصر قويّتين وديمقراطيتين ووطنيتين.

نكبتنا مستمرّة لأنّ ثورات مضادة أخمدت الشعوب، ولو نسبياً ومؤقتاً. نكبتنا مستمرّة لأنّ العسكر انتصر، لأن السوريين والمصريين الراغبين بدولة يحكمها العدل لا الطغيان، صار من بقي حياً منهم، في المنافي أو السّجون، أو في بيوتهم محافظين على الحد الأدنى لتلافي تلك المصائر.

نكبتنا مستمرّة لأنّ نفيها لا يكون بغير التحرير والعودة، وتحقيق هذه وتلك لا يكون بغير أنظمة حكمٍ تقودها الشعوب في جارتينا/شقيقتينا الكبيرتين. وذكرى نكبتنا الفلسطينية اليوم هي تذكير بنكبات عربيّة أخرى، نفيُ إحداها ينفي الأخرى، واستمرارها استمرار للأخرى.

من أجل تحرير فلسطين كنّا نريد إسقاط النّظام.

ومن أجل تحرير فلسطين صرنا نريد إسقاط أنظمة الثورات المضادة.

 

الكاتب: سليم البيك

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع