لا يبتعد الفيلم في قدرته على التسبب بالتوتر، مما يمكن أن يوحي به عنوانه. يتساءل أحدنا: لمَ قد يرغب من لا سيقان له بالركل، وبركلي أنا تحديداً، كما يوحي العنوان (If I Had Legs I'd Kick You).
إن كان فيلم الأمريكية ماري برونشتاين مبتعداً تماماً عن الصورة التي يشكلها عنوانه، فإنه يستحضر الشعور ذاته الذي يمكن للعنوان أن يتسبب به، هو نوع من الارتباك والتساؤل في لحظة بالكاد يستوعب فيها أحدنا ما الذي يحصل. في الفيلم لا نرى سوى امرأة تدخل في أزمة قبل أن تخرج من سابقتها. كأنّ إرباكاً تسبب فيه تزاحم الأزمات، أو، ببساطة، تزاحم الحظوظ السيئة أو لحظات الشؤم.
هي معالجة نفسية وتعاني من انهيارات نفسية، تتبع جلسات علاج عند زميلها، من دون رغبة أي منهما بلقاء الآخر، ومن دون ثقة أحدهما بالآخر. ابنتها تعاني من مرض مجهول يتطلب علاجاً خاصاً ومستنزفاً. إحدى مريضاتها تهرب تاركة طفلها في العيادة، وتختفي. زوجها غائب دائماً ولا يكف عن لومها عبر التليفون. هذه وغيرها من الارتباكات الحياتية التفصيلية المتزامنة، بواعث لتنفجر المرأة في أكثر من مشهد، منهارة.
ثمّ، يبدأ هذا كله ويترافق مع انهيار سقف بيتها بعد انهمار المياه من خلاله، واضطرارها وطفلتها لتركه إلى فندق رخيص، لأشهر، من دون أي تقدّم من الشركة المعنية، في إصلاحه.
هذا كله، ضغوطات مهنية وعائلية وشخصية، مرفقاً بحساسية ناقصة للمرأة تجاه الآخرين، جعل من الفيلم سلسلة متراكمة من الحظوظ السيئة، المتجمعة مربكةً إياها، الأم الطائشة والمعالِجة المنهارة. بالكاد يخلو الفيلم من لحظات استرخاء أو استجماع لقوى.
"لو كان لي سيقان لركلتك" المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، وهو ضمن ما يعرف بالسينما المستقلة الأمريكية، أعطى لبطلته مساحته كلّها، فشخصيات ثانوية كالزوج والطفلة، كانت صوتاً فقط حتى نهايات الفيلم.
كان الفيلم لكل لذلك، ومن خلال جودة كلام المرأة وردود أفعالها، كان بجودة استحقّها. كان كذلك بقدر ما كان مربِكاً بارتباك شخصيته.