في مهرجان كان السينمائي أمريكيون كثر، معهم آخرون كثر من البلدان الناطقة بالإنكليزية، يكون لذلك أولاً، الصف طويلاً. وهو سبب لافتتاح الصالة قبل عروض أفلام من بلدان أخرى، بوقت يزيد عن نصف ساعة، وهذا ما يجعل محاولة الوصول إلى الصالة باكراً، متأخرةً نوعاً ما. ولا يضيف هذا الافتتاح الباكر وذلك الصف الطويل شيئاً إلى قيمة الفيلم المنتظَر.
توقعات إيجابية حامت حول فيلم الأمريكي آري أستر، "إيدينغتون" (Eddington)، قبل دخوله، الصف الطويل إشارة ثانوية، أفلام سابقة لأستر مبرر رئيسي. لكن لا يعني ذلك أي شيء في فيلم له بداية ونهاية ويُبنى الرأي حياله بينهما.
الفيلم المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان، كان أقل من التوقعات، لكنه كذلك لم يكن بحاجة لتوقعات جيدة حياله كي يسبب خيبة ما. هو فيلم خائب وحسب، أنسبَ ليكون في منصة ما بدل المهرجان الفرنسي. مشاهدته في المهرجان وبمسابقته، يحمّلانه كذلك فوق طاقته. هو فيلم للتسلية، يمكن تركه يتقدّم على التلفزيون والذهاب لإعداد كأس من الشاي من دون لا شعور بالذنب حيال نفسك ولا بالنقص حياله.
الحبكة عادية ومتكررة، في بلدة أمريكية بتيكساس، رئيس الشرطة على خلاف شخصي مع رئيس البلدية، شخصياً فالأخير نام من زوجة الأول، وسياسياً فالأول سيترشح لرئاسة البلدية منافساً للأخير. كما أن بغضاً شخصياً يجمع بينهما، للخلاف المتكرر على ارتداء "الماسك" من عدمه. وذلك في أجواء فيروس كورونا وابتعاد الناس مسافات عن بعضها.
النصف الأول من الفيلم ينغمس في كوميديا خفيفة، أساسه أداء كل من خواكين فينيكس وبيدرو باسكال، بعضها ثقيل يتطلب صفعاً وصراخاً. في لحظة لم يمهّد لها الفيلم لها بما يكفي، تنقلب الأحوال ويتحول الفيلم من كوميدي محلي اجتماعي يتضمّن احتمالاً للتحسّن، سيناريوهاتياً، ضمن فيلم فيه بعض الذكاء والسخرية اللاذعة. لكنه يتحول فجأة إلى فيلم "طخطخة" آخر، إلى فيلم ويسترن معاصر، الضجيج فجأ يملأ الصالة، ويدوم. عنف غير مفهوم انقلب إليه الفيلم، كأن عصياناً طرأ على السيناريو في منتصفه فكان لازماً تفجير الوضع وإعادة البناء على ما سيترتّب على ذلك.
الفيلم استهلاك للمشاعر والأفكار، يحاول بافتعال، بكتابة استخفافية، السخرية من حراكات "حياة السود مهمة" ومن إشارات إلى الشعور بالذنب من قبل أمريكيين بيض تجاه أرض مسروقة من سكانها الأصليين يقفون هم عليها، وذلك بنكات صارت مملة، كأن يفنّد الشرطي اتهاماً بالعنصرية قائلا إن مساعده أسود. لا يتناول الفيلم ذلك إلا للسخرية، مانحاً هؤلاء صفة تتكرّر في الفيلم، في أنهم بلهاء. وهذا الوصف سائد في الأجواء المدافعة عن التفوق العرقي للبيض، في القول إن الآخرين، مهما كانت أعراقهم، المنتقدين للفوقية البيضاء، إنهم "متخلفون". هذه عموماً فكرة نازية في أن الآخرين بعقول أقل تطوراً مما لدى العرق الآري، بالتالي أقل ذكاء.
الفيلم البليد، وإن تسلّى أحدنا وضحك مرّات للأداء الرائع كالعادة لفينيكس، الذي البليد كرّر كثيراً مما شاهدناه هنا وهناك، كأنّه استعار مَشاهد من مجموعة أفلام أمريكية، من كوميديا الأخوين كوهين إلى أفلام الزومبي والويسترن، مروراً برامبو يحمل رشاشاً أطول منه ممطراً المحيط بالرصاص، إلى غيرها من التراث السينمائي الأمريكي، المبتذل منه تحديداً، فكان "إدينغتون" مجموعة ابتذالات لتاريخ سينمائي أمريكي في فيلم واحد.