حين تنتهي الإبادة
سأركض لأحتضن أمي؛ لأقهر كل الفراق المتخيل
والمكالمات الدولية العاجلة
واحتضان كتفايّ، ايحاءً بحضن بعيد، في مكالمة فيديو نجح
الاتصال بها مصادفةً
وسأتنفس الصعداء، أن بيتي في عالمٍ موازٍ لم يستضف عزاءً!
…
حين تنتهي الإبادة،
سأطلب من والدي عَدّ أشجار الزيتون الناجية من جرافة الإبادة
سأطلب من أمي أن تزرع الريحان والميرمية مجدداً
وأن تتوقف عن قطف الخبيزة البرية؛ لسد جوعهم
…
حين تنتهي الإبادة،
لن أرسل للأصدقاء: "هل أنتم بخير؟ على قيد النجاة؟" بدلاً من كيف الحال؟
لن أسألهم عن أماكن النزوح القسرية
ولا عن الانترنت وتكية الطعام؟
لن أسألهم، إن كان خبر استشهاد أحدهم حقيقياً
لن أسأل، إن مرضوا هل هناك علاج؟!
…
حين تنتهي الإبادة،
سأتوقف عن سؤال الأهل، هل ثمة طحين؟
هل لديكم أكل؟ ماء؟
كيف شحنتم بطارية الإنارة؟ أو الهاتف المحمول؟
هل لديكم خيمة؟
أين نزحتم؟
من أي اتجاه؟
…
حين تنتهي الإبادة، سأتوقف عن التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي كمأتم جماعي
سأخرج من قناة شهداء غزة ووزارة الصحة الفلسطينية- غزة.
على التليجرام
سأتوقف عن لوم نفسي بأنني
لا أعرف أسماء الأصدقاء رباعية!
وبأنني حين رأيت ابن خالي ينعى أخاه عبر الفيسبوك، بعد أن كان شهيداً مجهول الهوية! نزعت قناع صمودي في عالمٍ موازٍ وبكيت
…
حين تنتهي الإبادة،
سأتوقف عن البحث في كل قنوات الأخبار العاجلة، كلما سألني
الأصدقاء المغتربين مثلي، عن الأهل.
سأتوقف عن سؤالهم عن أهلهم، بعد فحص خارطة الإخلاء القسرية
...
حين تنتهي الإبادة،
سأتوقف عن الخوف
وسأستطيع الاعتراف بكل ما فقدت
وقد أجهش بالبكاء؛ إن لم يبتلعني الكبرياء
فقط إن انتهت الإبادة
سَأُعَرِف البحر المتوسط دون خيمة
ودوار النابلسي دون المجزرة
والشمال دون المجاعة و" الممر الآمن"
إن انتهت الإبادة،
على غزيتيّ أن تلتحف نفسها عناقاً خارج الأسطورة
عناقاً متجذراً في الألم كصرخة أبكم تحت الركام.
